شارل إيبدو.. الدروس والعبر
إن العقل الفطن لا يمكن بحال من الأحوال أن تمر عليه الأحداث
والوقائع بحجم شارل إيبدو دون أن يقف معها وقفة تأمل وتدبر، إما لاستقراء الوقائع
ضمن سياقاتها العامة والخاصة؛ وإما لاستخلاص العبر والدروس من أجل استثمارها في
بناء قناعة صلبة عن حجم المكائد التي تحاك ضد الأمة الإسلامية من قبل أعداء
الإسلام، الذين يبذلون الغالي والنفيس في تشويه سمعته وصورته، وكذا النيل من
ثوابته ومقدساته.
ولعل
ما آلَ
إليه واقع المسلمين من ضعف وهوان، وتخلف في الركب والمسايرة، جعل منهم لقمة سائغة
للأعداء، رغم إدراكهم أنها أمة لا تموت، لها مقومات القوة والعزة والغلبة ما ليس
لغيرها، متى عادت إليها وتمسكت بها، وءامنت بقدرتها على صنع الأمجاد، كما كان مع
السلف في عصور العزة والتمكين.
إن عاصفة إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام لن تهدأ وتستكين
ما لم يقابلها المسلمون بثورة التغيير في أنفسهم أولا، حتى يعطوا الصورة الحقيقية
للقيم المثلى التي جاء بها الإسلام، وأرساها نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة وأزكى
التسليم في تمثلها وتحليه بها، وهذا في واقع الأمر يشكل أكبر نصرة وذَوْد عن
الإسلام ومقدساته من جهة؛ وأوفى عربون المحبة والإخلاص والتأسي بنبي الرحمة، بعيدا
عن الادعاءات الجوفاء التي لا تزيد الإسلام إلا عبئا من تصرفات أهله من جهة أخرى.
إن الإسلام لم ينهزم يوما ولن ينهزم أبدا، مادام قد
تكفل بحفظه رب الأديان، وإنما انهزم المنتسبون إليه لما انتكسوا عن نصرته،
متغافلين عن كون انتصارهم رهين بنصرهم له في أنفسهم، مصداقا لقوله تعالى: "اِن تنصروا الله ينصركم ويثبت اَقدامكم"،
وأن هذا التكالب عليه من قبل أعدائه، باستهدافهم لمقدساته برسوماتهم وأفلامهم
وغيرها... ما هو – في نظري – إلا محن في باطنها منح، متى استثمرت في مجال الدعوة
إلى الله والتعريف بالإسلام، باعتبار هذه المحن التي تعيشها الأمة اليوم لا شك
أنها تُذكِي فضول المعرفة عند الكثيرين للتعرف على هذا الدين، فيقع ما لم تتوقعه
شارلي ومثيلاتها والواقفين وراءهم في الحسبان.
**********
بقلم الباحث: محمد
المباركي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق