غلب كيدُها كيدَ الحَجَّاج.. فمن هي؟؟ ـ قصة من التراث.. فصاحة وبلاغة عربية!
تزوج الحجاج بن يوسف الثقفي من امرأة اسمها هند رغمًا
عنها وعن أبيها، وذات مرة ـ بعد مرور سنة على زواجهما ـ جلست هند
أمام المرآة تَترنَّم بهذين البيتين:
ومــا هـنـد إلا
مُـهْرَة عــربية *** سَلـيـلـةُ أفـْـراسٍ تحـلَّلـها بـغْـــل
فإن ولـدت مُـهـْرا فـلِلَّـه دَرُّهـا *** وإن ولدت بغلا فقد جاء به البغل
فسمعها الحجاج فغضب، فذهب إلى خادمه وقال له: اِذهب إليها
وبلِّغها أني طلقتها في كلمتين فقط، لو زدت ثالثة قطعت لسانك، وأعطها هذه العشرين
ألف دينار.
فذهب إليها الخادم فقال لها: كُنتِ .. فبِنْتِ !!(كنتِ يعني كنتِ زوجته؛ فبنتِ
يعني أصبحت طليقته).
ولكنها كانت أفصح من الخادم فقالت: كنا فما
فرحنا؛ فبِنَّا فما حزنا!!، وقالت:
خذ هذه العشرين ألف دينار لك بالبشرى التي جئت بها
!!
وقد قيل
إنها بعد طلاقها من الحجاج لم يجرؤ أحد على خطبتها، وهي
لم تقبل بمن هو أقل من الحجاج، فأَغْرَت
بعض الشعراء بالمال فامتدحوها، وامتدحوا جمالها عند عبد الملك بن مروان،
فأُعجب بها وطلب الزواج منها، وأرسل إلى عامله على الحجاز ليخبرها له.. أي يصفها له، فأرسل له يقول: إنها لا عيب فيها.
فأُعجب بها وطلب الزواج منها، وأرسل إلى عامله على الحجاز ليخبرها له.. أي يصفها له، فأرسل له يقول: إنها لا عيب فيها.
فلما خطبها، كتبت له وقالت له: إن الإناء قد ولغ فيه
الكلب، فأرسل لها: اِغسليه سبعاً.. إحداهما بالتراب، فوافقت
وبعثت إليه برسالة أخرى تقول:
أوافق بشرط: أن
لا يسوق بَعِيري من مكاني هذا إليك في بغداد إلا الحجاج نفسه!!، فوافق
الخليفة، وأمر
الحجاج بذلك .
فبينما الحجاج يسوق الراحلة.. إذا بها تُوقِع من يدها ديناراً متعمدة ذلك، فقالت للحجاج: يا غلام.. لقد وقع مني درهم فأعطنيه، فأخذه
الحجاج فقال لها: إنه دينار وليس درهما ً!!، فنظرت إليه وقالت: الحمد لله الذي
أبدلني بدل الدرهم دينارا، ففهمها الحجاج وأَسرَّها في نفسه ـ أي
أنها تزوجت خيرا منه
.
وعند وصولهم، تأخر الحجاج في الإسطبل، والناس
يتجهزون للوليمة، فأرسل إليه الخليفة ليطلب حضوره فرد
عليه :ربَّتني أمي على ألاَّّّ آكُلَ فضلات الرجال !!
ففهم الخليفة قصده، وأمر أن تدخل زوجته بأحد القصور
ولم يقربها، إلا أنه كان يزورها كل يوم بعد صلاة العصر.
فعلمت هي بسبب عدم دخوله عليها، فاحتالت لذلك، وأمرت
الجواري أن يخبروها بقدومه لأنها أرسلت إليه أنها بحاجة له في أمر، فتَعمَّدت قطع
عقد اللؤلؤ عند دخوله ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآلئ، فلما رآها عبد الملك أثارته
روعتها وحسن جمالها، وندم لعدم دخوله بها لكلمة الحجاج تلك، فقالت: وهي تنظم حبات اللؤلؤ.. سبحان الله.
فقال: عبد الملك مستفهما!! لم تُسبحين الله؟!!
فقالت: إن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك.
قال: نعم
قالت: ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع ثقبه إلا الغجر.
فقال مُتهلِّلا: نعم والله صدقت، وفهم قصدها، وقال: قبح الله من
لامني فيك، ودخل بها من يومه هذا
!
وهكذا غلب كيدها كيد الحجاج !!
ما أقوى كيد النسا، وصدق الله العظيم إذ قال في سورة يوسف: "إن كيدهن عظيم".
وهكذا غلب كيدها كيد الحجاج !!
ما أقوى كيد النسا، وصدق الله العظيم إذ قال في سورة يوسف: "إن كيدهن عظيم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق